عرفت الأزمة الليبية منذ اندلاعها تحركات دبلوماسية مكثفة على الصعيد الإقليمي والدولي، بهدف الوصول إلى حل سياسي شامل ينهي الصراع ويعيد الاستقرار إلى البلد. وفي هذا السياق، تبرز جهود المغرب في رعاية الحوار الليبي كمحاولة مهمة لجمع الأطراف الليبية المتنازعة، من خلال تنظيم سلسلة من الاجتماعات والمشاورات كالجولات التي احتضنتها مؤخرا مدينة بوزنيقة.
هذه المبادرات المغربية حظيت بدعم إقليمي ودولي واسع، إلا أن الجزائر تتبع، وفق المراقبين، استراتيجية تعرقل هذا الحوار الذي يرعاه المغرب، الأمر الذي يطرح تساؤلات حول الأسباب والرهانات الكامنة وراء هذه المواقف.
في هذا السياق، اعتبر عبد الفتاح الفاتيحي، مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الإستراتيجية، أن “التقدير الجيو-سياسي للجزائر يعتمد على عزل المغرب عن محيطه الإقليمي”، معتبرا أن هذا الرهان “ينبع من اعتقاد الجزائر أن إقصاء المغرب سيسهم في تعطيل تطوره الاقتصادي والسياسي، وهو ما تحاول الجزائر تحقيقه عبر وقف أي خطوات نحو تطبيع العلاقات الثنائية مع المغرب، ورفض فتح الحدود البرية المغلقة بين البلدين منذ سنوات”.
وأشار الفاتيحي، ضمن تصريح لالألباب 360، إلى أن الجزائر ترى في الحوار الليبي الذي يرعاه المغرب “تهديدا لاستراتيجيتها، لأنها تسعى لإبقاء المغرب في حالة من العزلة الإقليمية” وأضاف: “الجزائر حاولت أيضا إبعاد المغرب عن الاتحاد الإفريقي سياسيا، إلا أن هذه المحاولة باءت بالفشل، إذ نجح المغرب في تعزيز علاقاته مع العديد من الدول الإفريقية، ليس فقط على المستوى السياسي، بل عبر شبكة من الاستثمارات الاقتصادية والاجتماعية في القارة”.
هذه العلاقات القوية، وفق الخبير في العلاقات الدولية ذاته، “تجعل من الصعب تحقيق أي عزلة للمغرب في إفريقيا، ما يدفع الجزائر إلى البحث عن بدائل أخرى، مثل الترويج لحكومة المنفى الليبية، أو التحالف مع نظام قيس سعيد في تونس، وهي تحركات لم تحقق النجاح المرجو منها”.
ويرى مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الإستراتيجية أن “معارضة الجزائر لأي حل للأزمة الليبية ينبثق من المغرب، ترتكز على رؤيتها ضرورة تشديد الحصار على المغرب إقليميا”. لذلك، يتوقع أن يبذل النظام الجزائري جهودا كبيرة لإفشال أي اتفاق يتم التوصل إليه في المغرب بشأن الأزمة الليبية، سواء عبر التشكيك في نتائجه أو محاولة إفراغه من مضمونه عبر تعطيل العملية السياسية الليبية.
من جانبه، قال محمد شقير، محلل سياسي وأمني، إن “التنافس الإقليمي بين الجزائر والمغرب هو العامل الأساسي وراء محاولة الجزائر عرقلة الحوار الليبي”، وأضاف أن الجزائر “ترى نفسها الدولة الأحق بالهيمنة على المنطقة المغاربية”.
وبالتالي، يورد شقير في حديث لالألباب 360، فإن الجزائر “تسعى إلى عرقلة أي مسعى دبلوماسي مغربي قد يعزز من نفوذ الرباط في المنطقة، وقد ظهر هذا التنافس بشكل واضح بعد الاجتماع الأخير الذي استضافته الرباط وخرج بتوصيات تدعو إلى البحث عن حلول جذرية للأزمة الليبية”.
وذكر المحلل السياسي والأمني أن الجزائر “تعتبر نفسها طرفا مباشرا في الأزمة الليبية بسبب قربها الجغرافي وتأثير هذه الأزمة على أمنها القومي”. وبالتالي، فإنها “ترى أن لها الأولوية في الإشراف على الملف الليبي، وليس المغرب”.
تعليقات
0