كشفت دراسة استطلاعية حديثة عن شعور ما يصل إلى 83 في المائة من المواطنين المغاربة بالرضا عن الخدمات العمومية التي تقدم لفائدتهم بمخافر الشرطة المغربية، مؤكدين أنهم يلاقون خلال ارتفاقهم للحصول على هذه الخدمات تصرفا مهنيا ومحترما لحقوقهم من قبل عناصر الشرطة بها، وهو ما جعل المغرب في مركز متقدم قاريا في هذا الجانب؛ إذ بلغ معدل الأفارقة الذين عبّروا عن تلقيهم معاملة محترمة من قبل شرطة بلادهم 66 في المائة.
الدراسة التي أعدتها شبكة البحث الإفريقية المستقلة “أفرو بارومتر”، تحت عنوان “الكرامة والاحترام في الخدمات العامة في القارة الإفريقية”، بيّنت أن نسبة المغاربة المشاركين في استطلاعها الذين اشتكوا من ملاقاتهم سلوكات غير محترمة من قبل الشرطة خلال ارتفاقهم للحصول على خدمات الأخيرة بلغت 17 في المائة فقط، مقابل بلوغ نسبة الأفارقة الذين اشتكوا من ممارسة شرطة بلادهم هذه التصرفات، ويمثلون 39 دولة، ما يصل إلى 34 في المائة.
على صعيد آخر أفادت نتائج الدراسة التي اطلعت عليها الألباب 360 بأن 48 في المائة من المستطلعين بالمملكة عبروا عن أنهم لا يحظون بالاحترام بالمستشفيات خلال سعيهم إلى الحصول على الخدمات الطبية. بينما يشتكي 32 في المائة من المغاربة من معاناتهم من انعدام الاحترام أو قلته من قبل الموظفين العموميين خلال طلبهم وثائق هوية رسمية، موزاةً مع تبرم 34 في المائة من المواطنين من “قلة الاحترام أو غيابه” من قبل أطر المؤسسات التعليمية العامة حين طلبهم خدماتها.
وفي تفسيرهم ارتفاع نسبة المواطنين المغاربة المصرحين بملاقاتهم تعاملا محترما لهم خلال طلبهم خدمات الشرطة المغربية يدفع باحثون وخبراء في الشأن الأمني بأن الأمر “حصيلة إجراءات تحديث وتوسيع مخافرها وتأهيل الموارد البشرية العاملة بها، موازاةً مع مضاعفة السرعة والنجاعة في زجر عناصرها المرتكبين تعسفات في حق المواطنين المغاربة؛ فضلا عن تجويد المديرية العامة للأمن الوطني سياستها التواصلية، ما مكّن من وقوف المواطنين المعنيين عند حجم الاحترام الذي يحظون به من قبل المؤسسة”.
في هذا الإطار أكد محمد شقير، الباحث في الشؤون الأمنية والإستراتيجية، أن “علاقة المواطنين بالشرطة تحسنت بشكل كبير منذ تولي الملك محمد السادس الحكم، بفعل اتخاذ عدة إجراءات لتجويد تعامل الشرطة مع المغاربة”، مردفا بأن “العاهل المغربي كان يبتغي تجاوز الصورة السيئة العامة التي كانت عن المؤسسة الأمنية المغربية طيلة الستينيات والسبعينيات، كنتيجة للصراعات التي كانت قائمة آنذاك حول السلطة؛ فتمخضت عنها انتهاكات من قبل هذه المؤسسة”.
وأضاف شقير، في تصريح لجريدة الألباب 360 الإلكترونية، أن “تعيين الملك محمد السادس عبد اللطيف الحموشي على رأس المديرية العامة للأمن الوطني كان يستهدف أساسا هذا التحسين”، متابعا بأنه “إثر ذلك كان هناك تأهيل لمقرات الشرطة، وتحديث لمقرات الولايات وتوسيعها، بحيث باتت تشمل كل المدن الكبرى”.
واستحضر الباحث في الشؤون الأمنية ضمن الأسباب المفسّرة “التطور الكبير المسجّل على مستوى تمكين المواطنين من الحصول على الوثائق الإدارية لدى الشرطة، أساسا البطاقة الوطنية للتعريف، مع حرص الموظفين على تقديم كافة الإرشادات المطلوبة”، مذكّرا بأن “آخر الخطوات المتخذة لتكريس هذا التطور كانت إطلاق منصة رقمية لتسهيل الحصول على هذه الوثائق؛ ما جعل المؤسسة الأمنية في طليعة المؤسسات المنخرطة في ورش الرقمنة”.
ولفت المتحدث ذاته إلى أن “تشديد السياسية الزجرية في حق الموظفين المخالفين واتسام الإجراءات التي تتخذ في إطارها بالسرعة والنجاعة من بين الأسباب التي لعبت دورا كبيرا في تنامي احترام المواطنين داخل مخافر الشرطة”، مؤكدا “وجود تحسن في معالجة شكايات المواطنين وتظلماتهم في حق موظفي الأمن”.
وشددّ شقير على “أهمية السياسة الاجتماعية المنتهجة من طرف المدير العام للأمن الوطني في هذا الصدد، وآخرها ترقية شرطي بني ملال الذي توفي نتيجة تعرضه لطلق ناري عن طريق الخطأ”، مبرزا كذلك أن “تقوية السياسة التواصلية للمديرية، لاسيما من خلال فعاليات الأبواب المفتوحة، أسهمت من جهتها في تحسين صورة الشرطة لدى المواطن المغربي”.
من جهته أكد إحسان الحافظي، الأستاذ الجامعي المتخصص في الحكامة الأمنية، أن “ارتفاع معدلات الرضا عن الخدمات الأمنية بالمغرب ليس أمرا جديدا، فكل التقارير الدولية والوطنية السابقة أجمعت عليه”، مشددا على أن “ثقة المواطنين المغاربة في الأداء الأمني، سواء في مجال مكافحة المخاطر والتحديات المرتبطة بالجرائم على اختلاف أنواعها، أو في مجال الخدمات المرفقية، تضاعفت بشكل لافت”.
وفي تفسيره لهذا “الارتفاع في الرضا عن الاحترام الذي يحظى به المواطنون من قبل عناصر الشرطة” أورد الأستاذ الجامعي المتخصص في الحكامة الأمنية أن “المؤسسة الأمنية المغربية شهدت خلال السنوات الأخيرة عمليات تحديث واسعة للخدمات التي تقدمها، انعكست على أدائها كمرفق عمومي”، لافتا إلى أن “عمليات الرقمنة ساهمت في تجويد الخدمات والارتقاء بها إلى طموحات المرتفقين، سواء تعلق الأمر بالمغاربة أو الأجانب المقيمين”.
كما ذكّر إحسان الحافظي بأن “الخدمات والتدخلات الأمنية من قبل الشرطة باتت تتم في وقت معقول، وهو ما يلقى اليوم استحسانا مسجّلا من قبل المواطنين المغاربة”، مؤكدا أن “النتائج التي نحن بصددها تجد تفسيرها كذلك في ما جرى من تحديث لنظام الربط بين الدوائر الأمنية، وتوفير اللوجيستية والموارد البشرية اللازمة والكافية”.
تعليقات
0