قراءات مختلفة ومتباينة عرفها الرقم الأخير الذي كشف عنه أديب بن براهيم، كاتب الدولة المكلف بالإسكان، المتعلق باستفادة النساء من برنامج “دعم السكن” الذي انطلق سنة 2024، إذ حدد نسبة هذه الاستفادة في 46 في المائة، وذلك في سياق استمرار المجهودات الرسمية الهادفة إلى التمكين الاقتصادي للنساء بالمملكة.
وكان بن براهيم أوضح عند حلوله بمجلس النواب، الإثنين الماضي، أنه جرى “تحسين ظروف عيش ما يقرب من 30 ألفا و848 مستفيدا ومستفيدة من مختلف جهات المملكة، وبنسَب مختلفة”، مفيدا بأن “26 في المائة هُم من المغاربة المقيمين بالخارج، و46 في المائة من النساء، و35 في المائة من الشباب البالغين أقل من 35 سنة”.
وقرأ خبراء اقتصاديون وفاعلات نسائيات هذا الرقم على أنه “يبرز مدى سعي النساء إلى تفعيل حقوقهن في الملكية العقارية، خصوصا العقار الخاص بالسكن، ما يعتبر كنتيجة من نتائج الانخراط المتواصل للنساء في الدورة الاقتصادية بالمملكة، التي تعززت أساسا خلال السنوات الأخيرة مقارنة مع ما سبق”.
في سياق متصل ذهبت تصورات أخرى في اتجاه أخذ هذا الرقم بنوع من “الحيطة”، وذلك من خلال اعتبار أن “هناك توجها من أزواج وأرباب أسر من أجل تمليك أزواجهن وذويهن، بالنظر إلى وجود موانع قانونية لاستفادتهم من البرنامج؛ بما يمكن أن يجعل الرقم الخاص بنسبة استفادة النساء مجرد واجهة لواقع مركب”.
في هذا الصدد قال عبد الخالق التهامي، محلل اقتصادي، إنه “من جهة أولى فهذا الرقم يحيل على وجود مساع لتقوية دور النساء في المجتمع المغربي، بما يجعلهن يتوجهن نحو الانخراط في ضمان ملكيتهن العقارية ومنازل خاصة بهن يتم تخصيصها للسكن، وبما يوفر لهن الاستقلالية”.
وأضاف التهامي، في تصريح لالألباب 360، أنه “من جهة ثانية فإننا يمكن أن نتحدث عن فرضية تقول بكون نسبة معينة من الرقم الخاص باستفادة النساء من هذا البرنامج ترتبط أساسا بتوجه الرجال الذين لا يمكنهم الاستفادة لمرة ثانية، بالنظر إلى موانع قانونية، إلى تمليك النساء المنازلَ المستوفية لشروط الدعم، ويمكن أن يتم اتخاذها كسكن رئيسي، حسب الحالة العائلية لهؤلاء النساء”.
ولفت المتحدث ذاته إلى أن “عملية التمليك هذه عادة ما لا تخرج عن دائرة الأخت أو الزوجة أو حتى البنت، لكن في نهاية الأمر نحتاج إلى معطيات وإحصائيات من أجل توفير صورة واضحة عن هذا الجانب”، مستدركا بأن “الرقم سالف الذكر يبرز بشكل أو بآخر التطور الحاصل في الحرية الاقتصادية والمالية للنساء”.
أما ياسين اعليا، محلل اقتصادي، فتمسّك من جهته بكون الرقم الذي تم الإفصاح عنه “يبقى نتيجة من نتائج النشاط النسائي للنساء، في وقت لا تتجاوز نسبة النساء المشتغلات 20 في المائة”، موضحا أن “هذا الأمر يدل كذلك على تمسّك النساء بحقوقهن في الملكية العقارية”.
ولفت اعليا، في تصريح لالألباب 360، إلى أن “النساء صرن منفتحات على قابلية تملك العقارات، بما فيها المنازل المخصصة للسكن على سبيل المثال، سواء كنّ يمارسن نشاطا بشكل مباشر أو يتوفرن على ثروة معينة تُمكنهن من الاستثمار في مجال السكن العائلي، وبالتالي الاستفادة من البرنامج الذي أطلقته الدولة”.
في سياق متصل ثمنت بشرى عبدو، فاعلة حقوقية رئيسة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، الأرقام الخاصة باستفادة النساء من “دعم السكن”، إذ أوضحت أن “النساء في الأساس يحتجن فقط إلى إجراءات من مثل هذا النوع، بالنظر إلى كونهن في الأساس يتطلعن إلى تعزيز مِلكيتهن العقارية”.
وأوضحت عبدو، في تصريح لالألباب 360، أن “النساء عادة ما يرغبن في تملك المنازل الخاصة بالسكن من أجل تفادي أي شكل من أشكال العنف المجتمعي، خصوصا الأسري، الذي يمكن أن يتعرضن له، بما يجعل ملكية المنازل بالنسبة لهن ضمانة لمستقبل أرحم في حالة وقوع أي نزاع أو خصام مع شريك الحياة، ولتجاوز تداعيات المستقبل، إذ نعرف أن نسبة منهن يصرن مطلقات وحاضنات في الوقت نفسه”.
وجوابا منها عن سؤال يتعلق بما إذا كانت نسبة من الأسماء النسائية المستفيدة من هذا الدعم “فقط عبارة عن عمليات اتفاقية بهدف تمليكهن من طرف أقاربهن أو أزواجهن”، بيّنت الفاعلة النسائية ذاتها أنه “حتى وإن سلّمنا بهذ المعطى فإنه على العموم لا ينطوي على أي إشكالية، ما دام أن المنزل يبقى في اسم المرأة من الناحية القانونية”، مؤكدة في الختام أن “الأرقام التي تخص استفادة العنصر النسوي من البرنامج سالف الذكر تبقى مهمة وإيجابية”.
تعليقات
0