تسببت السيول المتجددة في إقليم طاطا في حادثة انجراف حافلة للركاب على مستوى “واد طاطا”؛ وهي الحادثة التي خلفت، حسب أرقام رسمية، خسائر في الأرواح، إذ أدت إلى مصرع شخصين، فيما تم إنقاذ 13 من الأشخاص الآخرين، وتسجيل 14 من الركاب في عداد المفقودين إلى غاية العاشرة صباحا.
وكانت السيول قد تسببت، في السابع من شهر شتنبر الجاري، في جرف سيارة أجرة من الصنف الأول بمدخل مدينة وجدة؛ وهو ما استدعى تدخلا عاجلا من رجال الوقاية المدنية الذين تمكنوا من سحب السيارة وإنقاذ السائق والركاب دون تسجيل أية خسائر في الأرواح.
وطرحت هاتان الحادثتان، فضلا عن حوادث أخرى مماثلة متعلقة بنقل المسافرين أو النقل المهني، لدى العديد من المتابعين إشكالية عدم تقيد السائقين المهنيين بالنشرات الإنذارية التي تصدر قبل يوم –على الأقل- عن المديرية العامة للأرصاد الجوية.
عزيز الداودي، الكاتب العام الوطني للاتحاد النقابي للنقل الطرقي التابع للاتحاد المغربي للشغل، اعتبر أنه “مما يعاب على السائقين المهنيين بشكل عام أنهم لا يكترثون للتنبيهات والتحذيرات التي تصدرها بين حين وآخر مديرية الأرصاد الجوية”.
وأضاف الداودي ضمن تصريح لالألباب 360: “تُلاحظ مجازفة بعض مهنيي سيارات الأجرة وسائقي حافلات نقل المسافرين ونقل البضائع لحساب الغير بأرواحهم وأرواح مستعملي هذه الوسائل خلال الأمطار الطوفانية التي شهدتها العديد من مدن وأقاليم المملكة، وخاصة مدن الجنوب الشرقي وبدرجة أقل الشمال الشرقي للمملكة”.
وأشار الكاتب العام الوطني للاتحاد النقابي للنقل الطرقي أن هذه الحوادث المتكررة “تطرح السؤال العريض المتعلق بطبيعة التكوين للحصول على البطاقة المهنية أو لتجديدها، على اعتبار أن التكوين لا يشمل كيفية تفادي الولوج إلى مناطق ترتفع فيها درجة الخطورة”.
من جانب آخر، نبه الفاعل النقابي ذاته إلى عدم أخذ تنبيهات وتحذيرات مديرية الأرصاد الجوية بـ”الجدية الكافية، حيث يُلاحظ عدم اتخاذ الإجراءات الاحترازية اللازمة ومضاعفة جهود مصالح الدرك الملكي والمسؤولين بوزارتي التجهيز والنقل، فضلا عن محاسبة المقصرين في تشييد القناطر وتعبيد الطرقات والمتغاضين عن البنايات المشيدة في الأودية أو على جنباتها”، خالصا إلى أن “المسؤولية في هذه الحوادث تبقى مشتركة”.
بدوره، اتفق إلياس سليب، رئيس المرصد الوطني للسلامة الطرقية، أن “المسؤولية تقع على جهات عديدة؛ منها وزارتي النقل والداخلية”، مبرزا في حديث لالألباب 360 أنه “بالرغم من صدور نشرات إنذارية حول سوء الأحوال الجوية، لم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة؛ مثل وضع وحدات تدخل سريع وسدود قضائية، في المناطق المعرضة للفيضانات لمنع مرور المركبات وتجنب الحوادث”.
وأشار سليب، في السياق ذاته، إلى “ضغوط أصحاب شركات النقل على السائقين لإكمال رحلاتهم في ظروف جوية خطيرة؛ مما يجعلهم يتجاهلون المخاطر، ويدفعهم إلى دخول مناطق الفيضانات بسبب التركيز على الربح وعدم الوعي بخطورة السيول على المركبات الكبيرة”.
وأكد المتحدث ذاته أن السائقين “يظنون في الغالب أن المركبات الكبيرة، مثل الشاحنات والحافلات، تكون محصنة ضد السيول بسبب حجمها؛ لكن في الواقع، فإن الجزء الصغير الملامس للأرض المتمثل في الإطارات، يجعلها عرضة للانجراف عند تلامسها مع الطين والحصى الذي تحمله المياه”.
وخلص رئيس المرصد الوطني للسلامة الطرقية إلى التأكيد على “الحاجة إلى تحسين البنية التحتية، خاصة في المناطق التي تمر فوق الأودية؛ مثل بناء الجسور لمرور المياه تحت الطرق، وتجهيز فرق التدخل بمعدات متطورة مثل المروحيات لتجنب تكرار هذه الحوادث المأساوية”.
يُشار إلى أن وزارة الداخلية أهابت، صباح اليوم السبت، بالمواطنين بكافة أقاليم المملكة المعنية بالاضطرابات الجوية، موضوع النشرات الإنذارية الصادرة عن المديرية العامة للأرصاد الجوية، توخي الحيطة والحذر، لا سيما بمحاذاة المجاري المائية والشعاب، وعدم المغامرة بالمرور بالمقاطع القابلة للغمر أثناء ارتفاع منسوب الأودية، واتخاذ الاحتياطات اللازمة لتفادي كل خطر سواء على النفس أو على الغير، وتجنب المجازفة بتصرفات غير محسوبة العواقب، والتجاوب الإيجابي مع توجيهات وتعليمات السلطات العمومية وفرق التدخل، قصد ضمان سلامتهم.
تعليقات
0