تناول المكتبُ السياسي لحزب التقدم والاشتراكية (رمزه الكتاب)، من جديد، موضوع مراجعة مدونة الأسرة على ضوء الخطوط العريضة التي تمَّ الإعلانُ عنها، وأكد في مستهل اجتماعه الدوري، الثلاثاء، على المواقف التي أعرب عنها في البيان الذي أصدره بهذا الصدد يوم الثلاثاء 24 دجنبر الماضي، وأساساً منها تثمينُ المقاربة التشاورية القبْلية، والإشادةُ بالتوجُّهات الإيجابية العديدة التي تتقاطع مبدئيًّا مع مُقترحاتٍ وَرَدَتْ في مذكرة الحزب.
وأعرب “حزبُ الكتاب”، في بلاغ توصلت به جريدة الألباب 360 الإلكترونية، عن عدمِ تَفَهُّـمِهِ “الرفض الذي قُـوبِلت به بعضُ الاقتراحاتِ الوجيهة والـمُنصِفة، رغم أنها تَنصَبُّ على مواضيع لا ترتبط بنصوصٍ دينية قطعية، كما هو الشأن بالنسبة لمقترح الإلغاء التام للتعصيب بالنظر إلى الآثار الاجتماعية السلبية التي يُخلِّفُها في الواقع؛ وكذا مقترحِ اعتماد الخبرة الجينية لإثبات نَسَبِ الأطفال المزدادين خارج إطار الزواج، مع تمتيعهم بكافة حقوقهم المترتبة على ذلك دون أيِّ تمييز”.
وأكد التنظيم السياسي ذاته على أنه سيُواصِلُ تَرافُعَهُ التحديثي خلال كل المراحل اللاحقة من مسار مراجعة مدونة الأسرة، “انطلاقاً من هويته التقدمية ومرجعيته الديمقراطية، وارتكازاً على كونه حزباً “يَحملُ، منذ نشأته، مشروعًا فكريًّا وسياسيا تُشَكِّـلُ فيه المساواةُ بين النساء والرجال قيمةً إنسانية إلى جانب كونها قضيةً حقوقية وديمقراطية ورهانًا للعدالة الاجتماعية والتنمية والتقدم”.
وأورد المصدر ذاته أن الحزب سيقوم بذلك “في إطار الدستور وما ينصُّ عليه من التزامٍ بالمساواة وبمنظومة حقوق الإنسان، ومن حظرٍ ومكافحةٍ لكل أشكال التمييز، وذلك في استحضارٍ تام لواقع ومعطياتِ المجتمع ولطبيعة المرحلة التاريخية، وفي إطار الثوابت الوطنية، ومن ضِمْنِهَا الدينُ الإسلامي القائم على قيم الانفتاح والاعتدال”.
وعبر حزبُ التقدم والاشتراكية عن أمله في أن “يتمَّ النقاشُ العموميُّ بخصوص مراجعة مدونة الأسرة بعيداً عن أيِّ تغليطٍ أو تحويرٍ سلبيٍّ مقصود للمقترحات المعلنة وللغاياتِ منها، وبعيداً عن أيِّ سعيِ إلى وضع ذلك في قالبٍ بأهداف سياسوية محافِظَة وماضوية ورجعية تحت قناعٍ يستغل الدين بشكلٍ متعسِّـف ومُزَيَّـف”.
كما أكد الحزبُ ذاته أنَّ “موضوع مدونة الأسرة هو قضية مجتمعية بالغة الأهمية، بما يجعلها لا تحتمل الاستهزاء ولا التسطيح، بقدر ما تستلزمُ الانخراط القوي للإعلام العمومي ولجميع فعاليات المجتمع، السياسية والمدنية والحقوقية والنسائية، في نقاشٍ مسؤول وهادئ ورزين ودقيق، من أجل تنوير الرأي العام، وتقديم الصورة الحقيقية لهذا الورش الإصلاحي، ومواجهة المغالطات الرائجة بخصوصه”.
ووجه رفاق نبيل بنعبد الله نداءً حارا إلى “كافة قوى وفعاليات المجتمع المتشبعة بمقاربةٍ تنويرية وثقافةٍ مساواتية”، وإلى “جميع مكونات الصف الديمقراطي، وإلى الحركة الحقوقية والنسائية التقدمية”، من أجل “استنهاضِ الهِــــمم، وتجميعِ القوى، وتوحيد المبادرات، وتنسيق المواقف والجهود، لملء الساحة بالترافع القوي والرصين، بغاية فتح الأفق أمام إخراجِ قانونٍ للأسرة يكونُ في مستوى عصره، ويكرِّسُ ويُحصِّنُ المكتسبات المساواتية، بعيداً عن أيِّ نزعةٍ تضييقية أو نكوصية محافِظة”.
من جانبٍ آخر، وفي إطار متابعته مسار مشروع القانون التنظيمي للإضراب، ثَمَّنَ المكتبُ السياسي الندوة الترافعية التي احتضنها المقر الوطني للحزب بالرباط، يوم الثلاثاء 07 يناير 2025، من تنظيمِ جبهة الدفاع عن الحق في ممارسة الإضراب التي تتشكل من طيفٍ واسعٍ من منظمات نقابية وأحزاب السياسية وهيئات حقوقية ومدنية.
وبعد تسجيل الاتفاق على إدخال مشروع القانون التنظيمي للإضراب ضمن مقاربةٍ تفاوضية بين الحكومة والنقابات أكد المكتب السياسي لـ”حزب الكتاب” أنه سيواصلُ “جهوده النضالية من داخل هذه الجبهة، وفي كل الفضاءات والواجهات الممكنة، سعياً منه نحو تجويد الصيغة الحالية لقانون الإضراب، ونحو إخراجه من الغرفة الثانية للبرلمان بشكلٍ متقدم وبنَفَسٍ حقوقي، بما يضمن الممارسة الفعلية لهذا الحق الدستوري بعيداً عن أيِّ مقتضياتٍ تضييقية وتكبيلية”.
وفي ما يرتبط بالأوضاع في فلسطين جدّد حزبُ التقدم والاشتراكية إدانتَهُ الشديدة لـ”العدوان القذر الذي يُواصلُ الكيانُ الصهيوني شَنَّهُ ضد الشعب الفلسطيني المكلوم، بما يُخلّف يومياً مزيداً من الضحايا الأبرياء، وأغلبهم أطفالٌ ونساء ومدنيون، وخاصة في غزة”؛ كما أدان “التواطؤ الأمريكي مع الكيان الصهيوني، إلى حدِّ التماهي، مع ما يوفره ذلك من دعمٍ مالي وعسكري لا محدود، ومن غطاءٍ سياسي، ومن حمايةٍ من المتابعة القضائية الدولية، بما يُشجّعُ إسرائيل على تصعيد اقترافها جرائم حربها القذرة بلا حسيبٍ ولا رقيب إلى حد الآن”.
وعبر البلاغ ذاته عن رفض الحزب “رُكونَ المنتظمِ الدولي إلى الصمت والتسليم بالأمر الواقع، ما يجعلُ الشعبَ الفلسطيني وحيداً، من دون أيِّ حمايةٍ، في مواجهة آلة حربٍ جهنمية للكيان الصهيوني”، مجددا نداءه إلى المجتمع الدولي، وخاصة إلى البلدان العربية، من أجل “اتخاذ مبادرة قوية، مشتركة ومنسَّقَة وضاغِطة، من أجل إيقاف حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني، ثم فتح الأفق أمام نيله كافة حقوقه الوطنية المشروعة”.
كما جدد التنظيم نداءه إلى جميع القوى الفلسطينية الفاعلة من أجل “الحرص على وحدة الصف الفلسطيني وتقوية الجبهة الداخلية، إذ إنَّ أيَّ توجُّهاتٍ معاكسة لذلك لن تخدم سوى أجندة العدو الصهيوني وأهدافه الخبيثة”.
وعلى صعيد الحياة الداخلية للحزب، وفي ضوء خلاصات لجنة تتبع برنامج العمل برسم سنة 2025، التي عقدت أول اجتماعاتها في اليوم نفسه، صادق المكتبُ السياسي على تشكيل مجموعاتِ عملٍ من أجل تفعيل مخطط العمل الذي سبق أنْ صادقت على أهدافه وتوجهاته ومحاوره الكبرى الدورةُ الخامسةُ للجنة المركزية.
وذكر البلاغ أن “لجنة التتبع ستجتمع خلال الأسبوع المقبل لبلورة الخطواتِ العملية والشروع في تفعيل هذا البرنامج عمليا في الميدان”، متوجها إلى كافة فروع الحزب ومنظماته وقطاعاته ومؤسساته من أجل “التعبئة والانخراط القوي في تفعيل مخطط العمل في جميع جوانبه السياسية والإشعاعية والتواصلية والتنظيمية والانتخابية”، موردا أن المكتب السياسي سيُصدِرُ نشرية داخلية في الموضوع.
ونَــــوَّهَ المكتبُ السياسي نفسه بـ”الندوات الناجحة التي تم تنظيمها مؤخراً حول مراجعة مدونة الأسرة، بكلٍّ من الخميسات، وابن جرير، وعين الشق الدار البيضاء”، مُهيباً بجميع فروع الحزب ومنظماته أن “تُبادِرَ إلى تنظيم لقاءاتٍ تنويرية وتفسيرية وترافعية حول هذا الموضوع، استناداً إلى المقاربة الديمقراطية والبُعد المساواتي الذي يحمله الحزب”.
تعليقات
0