كشف المجلس الأعلى للحسابات، ضمن تقريره السنوي برسم 2023 ـ 2024، عن ملاحظات دقيقة بخصوص اشتغال الغرف المهنية الموزعة على القطاعات الإنتاجية بالمغرب، التي يراد منها في الأساس “لعب دور في إنعاش وتطوير الاقتصاد الوطني بالنظر للاختصاصات التمثيلية والاستشارية التي عهدت إليها”.
وفي عتابه على طريقة اشتغال هذه الغرف المهنية أوضح المجلس أن “الميزانية المرصودة لهذه الأخيرة بلغت سنة 2023 حوالي مليار درهم، في حين أن عدد مستخدميها يصل إلى 1314 مستخدما”؛ الأمر الذي يستوجب وفقه “تجويد الحكامة وتنويع الخدمات المقدمة للمنتسبين”.
وأوصى المجلس الذي ترأسه زينب العدوي كلا من وزارة الصناعة والتجارة والخدمات، ووزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، إلى جانب وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، كل قطاع في مجال اختصاصه، بـ”مراجعة تموقع الغرف المهنية في محطيها الترابي وتقوية دورها بهدف الإسهام الفعال في تطوير القطاعات المعنية وتحفيز الاستثمار”.
كما وجهت المؤسسة ذاتها توصياتها مباشرة لهذه الوزارات بغرض “الحرص على تعزيز التمثيلية داخل هياكل الغرف المهنية، بما يعكس تنوع وخصوصية القطاعات والأنشطة التي تمثلها على المستوى الترابي”، مشددة على ضرورة “وضع عقد برنامج بين الدولة والغرف الفلاحية وغرف الصيد البحري وغرف الصناعة التقليدية”.
مفصلا في هذا الموضوع قال “مجلس الحسابات” إن “الغرف الفلاحية لم تحظ بالدور الذي ينبغي أن تلعبه في إطار برنامج تثمين السلاسل الفلاحية، إذ لم يتم تعيين الغرف كأعضاء في اللجنة الاستشارية للبيمهنيين المكونة من ممثلين عن الدولة وعن العديد من المؤسسات العمومية”؛ كما شدد على ضرورة “إشراك هذه الغرف بكل من وزارتي السياحة والصناعة في مسلسل تفعيل البرامج والمبادرات، إذ لم يتم على المستوى المحلي عقد شراكات بين الغرف المهنية والجماعات الترابية الأخرى لضمان التواصل في ما بينها، خصوصا أنها غير ممثلة داخل المجالس الترابية”.
وأقر المرجع ذاته بوجود مشاكل تواجه هذه الهيئات، وتتعلق أساسا بـ”تداخل الاختصاصات بينها وبين هيئات أخرى ضمن القطاعات سالفة الذكر؛ فعلى مستوى قطاع الفلاحة توجد اختصاصات تمارسها كذلك الجماعات الترابية ووكالات التنمية الفلاحية والمكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي ومكتب تنمية التعاون كذلك”.
ونظير بحثه المعمق في هذا الموضوع أكد المجلس نفسه “كون التمثيلية داخل الغرف لا تعكس بشكل كاف تنوع مجالات تدخل هذه الغرف والخصوصيات الاقتصادية والاجتماعية للنسيج الاقتصادي الذي تمثله؛ ففي هذا الصدد سُجّل ضعف نسبة المسجلين في القوائم الانتخابية مقارنة مع عدد المنتسبين المحتملين وفق معطيات غرف الصناعة والتجارة والخدمات”.
وأحال المجلس الأعلى للحسابات على ردود الوزارات الثلاث بخصوص اختصاصات الغرف المهنية التي تنتمي إلى كل قطاع، إذ استدعت هذه الردود “ضرورة القيام بتنسيق وزارتين أو أكثر بخصوص هذا الموضوع”، قبل أن يستدرك بأنه “بالنسبة لغرف الصناعة التقليدية يسجل أن غرفتين شملتهما مهمات مراقبة التسيير تبنتا برامج عمل يمتد مداها إلى ثلاث سنوات”.
وفي إطار رصده نواقص نشاط هذه اللجان التي تلعب دورا أساسيا، تابع التقرير السنوي برسم 2023 ـ 2024 للمجلس سالف الذكر: “سُجل بخصوص غرف الصيد البحري أن وتيرة الاجتماع لبعض اللجان الدائمة مازالت منخفضة، إذ لم تجتمع طيلة السنة أو اجتمعت في مناسبة واحدة، وأن نشاطها محدود في ظل عدم رفع وتيرة عملها رغم الأهمية المنوطة بها”.
كما تحدث التقرير عن كون الغرف المهنية “تفتقر إلى تعزيز الخبرات في ما بينها وتكاثف الوسائل من أجل ضمان الفعالية وترشيد النفقات، إذ يمكن لمختلف جمعيات الغرف المهنية أن تلعب دورا مهما في هذا المجال”، مطالبا وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات بـ”العمل على مراجعة الإطار القانوني والتنظيمي المؤطر لعمل غرف الصيد البحري بالنظر إلى الإصلاحات التي عرفتها منظومة الاستثمار والتحديد الدقيق لاختصاصاتها ومهامها”.
وأوصى المجلس في الختام بوضع “عقد برنامج بين الدولة والغرف الفلاحية وغرف الصيد البحري وغرف الصناعة التقليدية، والعمل على تسريع تنزيل مخططات تنمية غرف التجارة والصناعة والخدمات وتحيينها، مع ضمان متابعة دقيقة وفعالة لتنزيل مضامين هذه العقود”.
تعليقات
0